فصل: (7) أَنْوَاعُ الْمُدْرِكَاتِ وَعَنَاصِرِ الْكَوْنِ وَأَحْوَالِهَا:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.(3) الرُّؤْيَا وَالْأَحْلَامُ:

الرُّؤْيَا النَّوْمِيَّةُ وَالْأَحْلَامُ مِنْهَا خَوَاطِرُ تَتَمَثَّلُ وَاقِعَةً فِي حَالِ النَّوْمِ، وَسَبَبُهَا اشْتِغَالُ الْفِكْرِ بِهَا أَوْ أَسْبَابٌ تَعْرِضُ لِلنَّائِمِ فَيَتَخَيَّلُهَا بِنَفْسِهَا أَوْ مَا يُشْبِهُهَا وَاقِعًا، وَهِيَ أَضْغَاثُ الْأَحْلَامِ، وَمِنْهَا الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ كَرُؤْيَا مَلِكِ مِصْرَ الَّتِي أَوَّلَهَا لَهُ يُوسُفُ عليه السلام، وَأَمْثَالُهَا كَثِيرٌ وَقَعَ مَعَنَا وَمَعَ غَيْرِنَا، وَثَبَتَ بِالتَّوَاتُرِ ثُبُوتًا لَا يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ بِالرَّغْمِ مِنْ أُنُوفِ الْمُكَابِرِينَ، وَقَدْ بَيَّنَّاهُ مِنْ قَبْلُ بِالتَّجَارِبِ الْقَطْعِيَّةِ، وَأَعْلَاهُ وَأَكْمَلَهُ رُؤْيَا الْأَنْبِيَاءِ الَّتِي هِيَ مِنْ مَبَادِئِ الْوَحْيِ، وَقَدْ وَقَعَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رُؤْيَةُ الرَّبِّ تَعَالَى فِي الْمَنَامِ كَمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَنَسٍ وَظَنَّ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ أَرَادَ بِهَا الْيَقَظَةَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ ذَلِكَ فِي هَذِهِ الْمَبَاحِثِ، وَوَقَعَ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ أَيْضًا.

.(4) الرُّؤْيَةُ فِي النَّوْمِ الْمِغْنَاطِيسِيِّ:

النَّوْمُ الْمِغْنَاطِيسِيُّ قَدِ اشْتَهَرَ وَكَثُرَ، وَهُوَ يَحْصُلُ بِتَنْوِيمٍ صِنَاعِيٍّ يُسْتَعَانُ عَلَيْهِ بِقُوَّةِ إِرَادَةِ بَعْضِ النَّاسِ وَتَأْثِيرِهِمْ فِي أَنْفُسِ مَنْ يُنَوِّمُونَهُ أَوْ بِبَعْضِ الْأَعْمَالِ الَّتِي لَا مَحَلَّ لِبَسْطِهَا هُنَا، وَالنَّائِمُ بِهِ يَغِيبُ إِدْرَاكُهُ وَشُعُورُهُ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ مَا عَدَا مُنَوِّمِهِ فَإِنَّ نَفْسَهُ تَكُونُ رَهْنَ تَصَرُّفِهِ فَإِذَا أَمَرَهُ بِشَيْءٍ خَضَعَ لِإِرَادَتِهِ بِقَدْرِ مَا فِي نَفْسِهِ مِنَ الِاسْتِعْدَادِ لِذَلِكَ، وَقَدْ ثَبَتَ بِالتَّجَارِبِ الْكَثِيرَةِ أَنَّ الْمُنَوِّمَ يَسْأَلُ النَّائِمَ عَنْ أَشْيَاءَ غَائِبَةٍ أَوْ مَسْتُورَةٍ: مَا هِيَ وَأَيْنَ هِيَ؟ فَعِنْدَ سُؤَالِهِ إِيَّاهُ عَنْهَا تَتَوَجَّهُ نَفْسُهُ إِلَيْهَا فَيَرَاهَا وَيُخْبِرُهُ عَنْهَا فَيَصْدُقُ.
فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَضْرُبٍ أَوْ أَنْوَاعٍ مِنَ الرُّؤْيَةِ لِلشَّيْءِ لَا عَمَلَ لِلْأَعْيُنِ فِيهَا: إِلَّا أَنَّ الْعَرَبَ خَصَّتْ مَا يُرَى فِي النَّوْمِ بِاسْمِ الرُّؤْيَا- بِالْأَلِفِ- وَمَا يَقَعُ فِي الْيَقَظَةِ بِاسْمِ الرُّؤْيَةِ، وَلَمْ تُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا فِي الْأَفْعَالِ، وَلَعَلَّهَا لَوْ عَرَفَتِ النَّوْعَ الْأَوَّلَ وَالثَّالِثَ مِمَّا ذَكَرْنَا هُنَا لَسَمَّتْهُ رُؤْيَا أَيْضًا.
رَوَى أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُمْ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ} (17: 60) قَالَ: هِيَ رُؤْيَا عَيْنٌ أُرِيَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَلَيْسَتْ رُؤْيَا مَنَامٍ نَقُولُ: وَلَكِنَّ اللهَ تَعَالَى سَمَّاهَا رُؤْيَا لَا رُؤْيَةً وَالتَّحْقِيقُ الْمُخْتَارُ أَنَّ الْإِسْرَاءَ وَالْمِعْرَاجَ كَانَا فِي حَالَةٍ رُوحِيَّةٍ قَوِيَ فِيهَا سُلْطَانُ الرَّوْحِ عَلَى سُنَنِ اللهِ فِي الْجَسَدِ فَصَارَ خَفِيفًا لَطِيفًا كَالْأَجْسَامِ الَّتِي تَتَمَثَّلُ فِيهَا الْمَلَائِكَةُ لِلْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ-، وَتَمَثَّلَ فِيهَا الرُّوحُ لِلسَّيِّدَةِ مَرْيَمَ عَلَيْهَا السَّلَامُ لَا بِالرُّوحِ فَقَطْ كَمَا قِيلَ، وَلَا فِي الْمَنَامِ كَمَا فِي رِوَايَةِ شَرِيكٍ فِي كِتَابِ التَّوْحِيدِ مِنْ صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ، وَهُوَ يَتَّفِقُ مَعَ قَوْلِ مَنْ قَالُوا إِنَّهُمَا بِالرُّوحِ وَالْجَسَدِ؛ إِذْ إِطْلَاقُهُمْ لَا يُنَافِي هَذَا الْقَيْدَ- وَإِنْ قِيلَ: إِنَّ الْجَسَدَ الَّذِي حَلَّتْهُ رُوحُهُ الشَّرِيفَةُ لَيَلْتَئِذُ غَيْرَ جَسَدِهِ الْمُعْتَادِ؛ لِيُنَاسِبَ الْعَالَمَ الَّذِي دَخَلَ فِيهِ- فَكَيْفَ وَلَا مَانِعَ مِنْ كَوْنِهِ هُوَ بِعَيْنِهِ أَثَّرَتْ فِيهِ الرُّوحُ فَلَطَّفَتْهُ وَجَعَلَتْهُ كَالْأَثِيرِ فِي لُطْفِهِ وَقُوَّتِهِ فِي هَذَا الْعَالَمِ الدُّنْيَوِيِّ، وَبَقِيَ السُّلْطَانُ لِلرُّوحِ، فَجِبْرِيلُ الَّذِي تَمَثَّلَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِصُورَةِ دِحْيَةَ، وَلِمَرْيَمَ بِصُورَةِ شَابٍّ جَمِيلِ الصُّورَةِ هُوَ جِبْرِيلُ الَّذِي رَآهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِصُورَتِهِ سَادًّا الْأُفُقَ الْأَعْلَى، وَقَالَ تَعَالَى فِيهِمَا: {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى} (53: 10) يُوَضِّحُ هَذَا مَا يَأْتِي:

.(5) تَشَكُّلُ الْمَلَائِكَةِ وَالْجِنِّ وَرُؤْيَتُهُمْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ:

قَدْ ثَبَتَ عَنْ أَفْضَلِ الْبَشَرِ وَأَصْدَقِهِمْ مِنْ أَنْبِيَاءِ اللهِ وَبَعْضِ أَوْلِيَائِهِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ وَالْجِنَّ فِي صُوَرٍ لَطِيفَةٍ أَوْ كَثِيفَةٍ، وَثَبَتَ تَمَثُّلُهُمْ لَهُمْ بِنَصِّ الْقُرْآنِ وَغَيْرِهِ مِنْ كُتُبِ الْوَحْيِ.
وَقَدْ صَحَّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَرَ جِبْرِيلَ مَلَكَ الْوَحْيِ فِي صُورَتِهِ الَّتِي خَلَقَهُ اللهُ تَعَالَى عَلَيْهَا إِلَّا مَرَّتَيْنِ، وَقَدْ عُلِمَ بِالْقَطْعِ أَنَّهُ رَآهُ فِي الصُّوَرِ الَّتِي كَانَ يَتَشَكَّلُ فِيهَا مِرَارًا تُعَدُّ بِالْمَئِينَ أَوْ أَكْثَرَ، وَلَيْسَتْ مَحْصُورَةً فِي عَدَدِ نُزُولِهِ بِآيَاتِ الْقُرْآنِ وَسُوَرِهِ، وَقَدْ كَانَ مِنْ تِلْكَ الصُّوَرِ صُورَةُ دِحْيَةَ الْكَلْبِيِّ رضي الله عنه وَمِنْهَا صُورَةُ الرَّجُلِ الْغَرِيبِ الَّذِي سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ إِلَخْ، وَهَذَا النَّوْعُ مِنَ الصُّوَرِ الْكَثِيفَةِ رَآهُ فِيهِ مَنْ حَضَرَ مَجِيئَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ- رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ- وَمِنْهَا صُوَرٌ لَطِيفَةٌ لَمْ يَكُنْ يَرَاهُ فِيهَا غَيْرُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ الْوَحْيِ الَّذِي رَوَاهُ الشَّيْخَانِ: «وَأَحْيَانًا يَتَمَثَّلُ لِي الْمَلَكُ فَيُكَلِّمُنِي فَأَعِي مَا يَقُولُ» يَشْمَلُ النَّوْعَيْنِ، وَوَرَدَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم مُثِّلَتْ لَهُ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ فِي عُرْضِ الْحَائِطِ فَرَآهُمَا وَلَمْ يَرَهُمَا غَيْرُهُ، وَمَعْنَى هَذَا أَنَّ اللهَ تَعَالَى أَرَاهُ مِثَالًا لَهُمَا، وَهَذَا غَيْرُ تَمَثُّلِ الْمَلَكِ لَهُ بِإِرَادَتِهِ وَعَمَلِهِ.
وَقَدْ رَأَى صلى الله عليه وسلم غَيْرَ جِبْرِيلَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، وَرَأَى بَعْضَ الشَّيَاطِينِ أَيْضًا مُتَمَثِّلَةً فِي صُوَرٍ، وَكَانَ يُعَبِّرُ عَنْ ذَلِكَ بِالرُّؤْيَةِ، فَثَبَتَ بِهَذَا أَنَّ الرُّؤْيَةَ لِلشَّيْءِ لَا تَقْتَضِي رُؤْيَةَ حَقِيقَتِهِ فِي الْوَاقِعِ وَنَفْسِ الْأَمْرِ، وَإِنْ كَانَ مَخْلُوقًا لَهُ جِنْسٌ يَنْقَسِمُ إِلَى أَنْوَاعٍ تَحْتَهَا أَصْنَافٌ وَشُخُوصٌ لَهَا أَمْثَالٌ.
فَإِذَا كَانَ الْمَخْلُوقُ يَرَى مَخْلُوقًا مِثْلَهُ رُؤْيَةً لَا يُدْرِكُ بِهَا كُنْهَهُ، وَلَا يُحِيطُ بِحَقِيقَتِهِ وَلَا يُشَارِكُهُ فِيهَا كُلُّ مَنْ لَهُ عَيْنَانِ مِثْلَهُ، وَهَذَا مِمَّا يُؤْمِنُ بِهِ الْمُعْتَزِلَةُ وَالشِّيعَةُ وَالْأَبَاضِيَّةُ كَغَيْرِهِمْ فَهَلْ يَسْتَنْكِرُ أَنْ تَكُونَ رُؤْيَةُ الرَّبِّ الَّذِي لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ بِلَا كَيْفٍ وَلَا مِثَالٍ، وَعَلَى غَيْرِ الْمَعْهُودِ فِي رُؤْيَةِ بَعْضِنَا لِبَعْضٍ كَمَا اسْتَنْكَرَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ قَالَ شَاعِرُهُمْ:
قَدْ شَبَّهُوهُ بِخَلْقِهِ وَتَخَوَّفُوا ** شُنْعَ الْوَرَى فَتَسَتَّرُوا بِالْبَلْكَفَةِ

أُمْ يَصِحُّ مَعَ هَذَا أَنْ يُصِرَّ بَعْضَ أَهْلِ السُّنَّةِ عَلَى تَقْيِيدِ رُؤْيَتِهِ تَعَالَى بِالْأَبْصَارِ وَأَعْيُنِ الرُّؤُوسِ، وَاسْتِنْكَارُ تَسْمِيَتِهَا رُؤْيَةً رُوحِيَّةً مَعَ الِاتِّفَاقِ بَيْنَهُمْ عَلَى أَنَّ الْإِدْرَاكَ بِجَمِيعِ أَنْوَاعِهِ لِلنَّفْسِ لَا لِلْجَسَدِ، كَمَا تَرَى تَوْضِيحَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ التَّالِيَةِ.

.(6) الْكَشْفُ وَكَوْنُ الْإِدْرَاكِ لِلنَّفْسِ:

إِنَّ الْعِلْمَ وَالْإِدْرَاكَ فِي الْحَقِيقَةِ لِلرُّوحِ، وَإِنَّ الْحَوَاسَّ وَالدِّمَاغَ آلَاتٌ حِسِّيَّةٌ لِلْعِلْمِ بِبَعْضِ الْحِسِّيَّاتِ بِحَسَبِ سُنَنِ هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَقَدْ ثَبَتَ بِمَا تَقَدَّمَ مِنَ الشَّوَاهِدِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَرَى مِنْ وَرَاءِهِ كَمَا يَرَى مِنْ أَمَامِهِ، وَهِيَ رُؤْيَةٌ رُوحِيَّةٌ غَيْرُ مُقَيَّدَةٍ بِبَصَرِ الْعَيْنَيْنِ وَلَا بِالْمُقَابَلَةِ، وَثَبَتَ نَحْوٌ مِنْ هَذَا لِبَعْضِ الْمُكَاشِفِينَ بِالرِّوَايَاتِ الَّتِي وَصَلَتْ إِلَى دَرَجَةِ التَّوَاتُرِ، وَمِنْ هَذِهِ الْمُكَاشَفَةِ مَا يَقَعُ فِي حَالِ الصِّحَّةِ بِقُوَّةِ تَوْجِيهِ الْإِرَادَةِ إِلَى الشَّيْءِ أَوْ فُجَائِيًّا بِغَيْرِ قَصْدٍ كَمَا وَقَعَ لِمُؤَلِّفِ هَذَا التَّفْسِيرُ فِي صِغَرِهِ، فَقَدْ رَأَى جَدَّتَهُ لِأُمِّهِ وَهُوَ مُضْطَجِعٌ مُسَجًّى فِي بُسْتَانٍ لَهَا تَمْشِي فِي الطَّرِيقِ جَائِيَةً إِلَيْهِ حَتَّى إِذَا مَا رَآهَا قَدْ وَصَلَتْ إِلَى مَدْخَلِ الْبُسْتَانِ مِنَ الطَّرِيقِ الْعَامِّ نَادَاهَا فَأَجَابَتْهُ، وَيَبْعُدُ أَنَّ يَكُونَ هَذَا تَخَيُّلًا صَادَفَ الْوَاقِعَ، وَلَهُ أَمْثَالٌ وَنَظَائِرُ لَوْلَاهَا لَتَعَيَّنَ الْقَوْلُ بِذَلِكَ- وَقَدْ وَقَعَ لَنَا مِنْهُ مَعَ بَعْضِ النَّاسِ مَا كُنَّا نَحْمِلُهُ عَلَى الْمُصَادَفَةِ لِئَلَّا يَقِيسُوا عَلَيْهِ دَجَلَ الْمُحْتَالِينَ، وَلِئَلَّا نَقَعَ فِي الْغُرُورِ، وَلَكِنَّ مَجْمُوعَ مَا نَقَلَهُ الثِّقَاتُ مِنْهُ لَا يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ، وَمِنْهُ مَا يَقَعُ فِي النَّفْسِ بِغَيْرِ رُؤْيَةٍ وَلَا تَخَيُّلٍ، وَإِنْ كَانَ فِيمَا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُرَى، وَلَيْسَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ.
وَقَدْ يَقَعُ فِي أَحْوَالٍ مَرَضِيَّةٍ كَالْمَرِيضِ الَّذِي كَانَ يُعَالِجُهُ الطَّبِيبُ شِبْلِي شُمَيِّل بِمِصْرَ، وَكَانَ يُخْبِرُ بِأَشْيَاءَ غَائِبَةٍ وَبِأُمُورٍ قَبْلَ وُقُوعِهَا فَيَصْدُقُ بِالضَّبْطِ الدَّقِيقِ، وَمِنَ الْأَوَّلِ أَنَّهُ أَخْبَرَ بِأَنَّ قَرِيبًا لَهُ قَدْ خَرَجَ مِنْ دَارِهِ بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ يُرِيدُ السَّفَرَ إِلَى مِصْرَ؛ لِزِيَارَتِهِ، ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّهُ رَآهُ قَدْ وَصَلَ إِلَى مَحَطَّةِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ وَدَخَلَ الْقِطَارَ، وَبَعْدَ مُضِيِّ ثَلَاثِ سَاعَاتٍ وَكُسُورٍ أَخْبَرَ أَنَّهُ نَزَلَ مِنَ الْقِطَارِ فِي مَحَطَّةِ الْقَاهِرَةِ وَخَرَجَ مِنْهَا وَرَكَبَ مَرْكَبَةً لِتَحْمِلَهُ إِلَى الدَّارِ الَّتِي هُوَ فِيهَا، ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّهُ وَصَلَ إِلَى الدَّارِ- وَإِذَا بِهِ قَدْ دَخَلَ فِيهَا، وَكَانَ الطَّبِيبُ شِبْلِي يُنْكِرُ مِثْلَ هَذَا، وَيُنْكِرُ وُجُودَ أَرْوَاحٍ مُسْتَقِلَّةٍ بِالْوُجُودِ تُلَابِسُ الْأَجْسَادَ وَتُفَارِقُهَا مُدْرِكَةً بِالذَّاتِ- أَيْ: غَيْرَ مُقَيَّدَةٍ فِي إِدْرَاكِهَا بِوُجُودِهَا فِي الْجَسَدِ وَاكْتِسَابِهَا الْعِلْمُ مِنْ حَوَاسِّهِ وَعَصَبِ دِمَاغِهِ- وَقَدْ صَارَ بَعْدَ هَذِهِ الْوَاقِعَةِ الَّتِي كَتَبَهَا بِقَلَمِهِ، وَسَمِعْنَاهَا مِنْ فَمِهِ، يُشَبِّهُ دِمَاغَ الْإِنْسَانِ بِالْآلَةِ الْكَهْرُبَائِيَّةِ لِلتِّلِغْرَافِ اللَّاسِلْكِيِّ الَّتِي تَتَلَقَّفُ مِنْ كَهْرُبَاءِ الْجَوِّ مَا يُرْسِلُهُ هَذَا التِّلِغْرَافُ مِنْ أَخْبَارِ السُّفُنِ أَوِ الْبِلَادِ الْبَعِيدَةِ، وَلَكِنْ كَانَ مِنْ أَخْبَارِ مَرِيضِهِ بِهِ أَنْ سَيَرْعَفُ أَنْفُهُ فِي سَاعَةِ كَذَا مِنْ نَهَارِ غَدٍ، وَيَخْرُجُ مِنْ دَمِهِ مَا يَبْلُغُ وَزْنُهُ كَذَا. فَكَانَ كَمَا قَالَ، وَهَذَا إِخْبَارٌ عَنِ الشَّيْءِ قَبْلَ وُقُوعِهِ لَا يَتَنَاوَلُهُ التَّشْبِيهُ الَّذِي ذَكَرَهُ، وَهُوَ مِنَ الْغَيْبِ الْإِضَافِيِّ الَّذِي خَلَقَ اللهُ الْأَرْوَاحَ كُلَّهَا مُسْتَعِدَّةً لِإِدْرَاكِهِ قَبْلَ وُقُوعِهِ لَوْلَا مَا يَشْغَلُهَا عَنْهُ مِنْ مَدَارِكَ الْحَوَاسِّ وَالْعُقُولِ وَهُمُومِ الْحَيَاةِ- لَا مِنَ الْغَيْبِ الْحَقِيقِيِّ الَّذِي اسْتَأْثَرَ اللهُ تَعَالَى بِعِلْمِهِ، وَقَدْ فَصَّلْنَا الْقَوْلَ فِي الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْأَنْعَامِ.

.(7) أَنْوَاعُ الْمُدْرِكَاتِ وَعَنَاصِرِ الْكَوْنِ وَأَحْوَالِهَا:

إِنَّ مُدْرِكَاتِ الْبَشَرِ الْحِسِّيَّةِ وَالْعَقْلِيَّةِ لَا تَتَعَلَّقُ فِي حَالِ هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا بِكُلِّ مَا فِي هَذَا الْكَوْنِ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَوْجُودَاتِ، بَلْ هُنَاكَ حُجَجٌ مِنَ الْوَحْيِ وَالْعَقْلِ وَالْعِلْمِ تَدُلُّ عَلَى ضِدِّ ذَلِكَ- أَمَّا الْوَحْيُ فَقَدْ ثَبَتَ فِيهِ أَنَّ الْعَالَمَ قِسْمَانِ، أَوْ أَنَّ الْكَوْنَ قِسْمَانِ: عَالَمُ الْغَيْبِ، وَعَالَمُ الشَّهَادَةِ.
وَأَمَّا الْعَقْلُ فَمِنْ أَحْكَامِهِ أَنَّ عَدَمَ الْعِلْمِ بِالشَّيْءِ لَا يَقْتَضِي عَدَمَ وُجُودِهِ، وَأَنَّ مِنَ الْجَائِزِ أَنْ يَكُونَ فِي الْكَوْنِ مَوْجُودَاتٌ كَثِيرَةٌ لَا نُدْرِكُهَا، وَلَا تَشْعُرُ بِهَا حَوَاسُّنَا وَمَشَاعِرُنَا، إِمَّا لِعَدَمِ اسْتِعْدَادِهَا لِإِدْرَاكِهَا أَلْبَتَّةَ- كَمَا أَنَّ بَعْضَهَا لَا يُدْرِكُ كَمَا يُدْرِكُهُ الْآخَرُ مِنَ الْهَيْئَاتِ وَالْأَلْوَانِ وَالطُّعُومِ وَالرَّوَائِحِ مَثَلًا- وَإِمَّا لِضَعْفِ الْحَاسَّةِ فِينَا عَنْ إِدْرَاكِ مَا هُوَ مِنْ مُتَعَلَّقِهَا لِفَقْدِ بَعْضِ شُرُوطِ إِدْرَاكِهِ، وَقَدْ دَلَّ الْعَقْلُ عَلَى أَنَّ الْوُجُودَ الْمُمْكِنَ الَّذِي نَعْرِفُهُ فِي الْجُمْلَةِ يَدُلُّ عَلَى الْوُجُودِ الْوَاجِبِ الَّذِي لَمْ يَدْرِكْ كُنْهَهُ عُقُولُنَا، بَلْ دَلَّ عَلَى وُجُودٍ آخَرَ مِنَ الْمُمْكِنَاتِ، وَهُوَ مَا يُسَمِّيهِ عُلَمَاءُ الْكَوْنِ بِالْأَثِيرِ.
وَأَمَّا الْعِلْمُ- عِلْمُ التَّجْرِبَةِ وَالْبَحْثُ الْعَمَلِيِّ فِي الْوُجُودِ- فَقَدْ أَثْبَتَ وُجُودَ أَحْيَاءً كَثِيرَةَ الْأَنْوَاعِ ذَاتِ تَأْثِيرٍ عَظِيمٍ فِي حَيَاةِ الْأَحْيَاءِ مِنْ نَفْعٍ وَضَرٍّ تُرَى بِالْمَرَايَا الْمُكَبِّرَةِ دُونَ الْبَصَرِ الْمُجَرَّدِ، وَأَنَّ فِيهِ مَوَادَّ أُخْرَى لَطِيفَةً هِيَ مِنْ أُصُولِ عَنَاصِرِهِ الَّتِي لَمْ يَتِمَّ تَكْوِينُهُ إِلَّا بِهَا، وَهِيَ لَا تُدْرَكُ بِالْحَوَاسِّ وَلَا بِالْعَقْلِ بَادِئَ بَدْءٍ، وَإِنَّمَا عُرِفَتْ بِأَعْمَالِ التَّحْلِيلِ وَالتَّرْكِيبِ وَآلَاتِهَا، وَاسْتُخْدِمَتْ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمَنَافِعِ وَالْمَضَارِّ، وَهِيَ كَالْعَنَاصِرِ الَّتِي يَتَرَكَّبُ مِنْهَا الْمَاءُ وَالْهَوَاءُ.
وَقَدْ ثَبَتَ بِالتَّجَارِبِ الْعِلْمِيَّةِ مَا صَارَ الْعِلْمُ بِهِ قَطْعِيًّا يَدْخُلُ فِي بَابِ الْحِسِّيَّاتِ مِنْ أَنَّ الْجِسْمَ الْجَامِدَ يَتَحَوَّلُ بِالْحَرَارَةِ إِلَى مَائِعٍ كَمَا يَكُونُ الْجَلِيدُ وَالثَّلْجُ مَاءً، وَأَنَّ الْمَائِعَ يَتَحَوَّلُ بِهَا إِلَى بُخَارٍ، وَهُوَ مَا نُشَاهِدُهُ كَالدُّخَانِ اللَّطِيفِ يَخْرُجُ مِنَ الْمَاءِ عِنْدَ تَسْخِينِهِ، وَمِنْ كُلِّ مَائِعٍ فِيهِ مَاءٌ، وَأَنَّ هَذَا الْبُخَارَ الْمَائِيَّ وَغَيْرَهُ يَتَحَوَّلُ بِشِدَّةِ الْحَرَارَةِ إِلَى مَادَّةٍ لَا تُرَى كَالْهَوَاءِ وَيُسَمُّونَهَا غَازًا، وَأَنَّ الْأَجْسَامَ الْجَامِدَةَ كَالذَّهَبِ وَالْقَصْدِيرِ، وَالْمَائِعَةَ كَالْمَاءِ، وَالْغَازِيَّةَ كَالْهَوَاءِ مِنْهَا الْبَسِيطُ وَمِنْهَا الْمُرَكَّبُ، وَأَنَّ الْبَسَائِطَ الَّتِي تَتَأَلَّفُ مِنْهَا الْمُرَكَّبَاتُ مَحْدُودَةٌ تُعَدُّ بِالْعَشَرَاتِ، وَصَارَ فِي قُدْرَةِ الشَّرِّ أَنْ يُحَلِّلُوا الْمُرَكَّبَ، وَيُفَرِّقُوا بَسَائِطَهُ بَعْضَهَا مِنْ بَعْضٍ بِصِنَاعَةِ الْكِيمْيَاءِ وَآلَآتِهَا، وَأَنْ يُحَوِّلُوا الْجَوَامِدَ مِنْ صِفَتِهَا فَيَجْعَلُوهَا غَازَاتٍ، وَأَنْ يَجْعَلُوا مِنَ الْغَازَاتِ وَمِنَ السَّائِلَاتِ جَوَامِدٌ، وَهُمْ يَتَّخِذُونَ مِنْهَا أَغْذِيَةً وَأَدْوِيَةً وَسَمُّومًا قَاتِلَةً، بَلِ اسْتَخْرَجُوا مِنْ مَاءِ الْبَحْرِ الْمِلْحِ ذَهَبًا إِبْرِيزًا.
هَذِهِ الْأَعْمَالُ الَّتِي صَارَتْ مِنْ صَنَائِعِ الْبَشَرِ تُقَرِّبُ مِنَ الْعَقْلِ وَالْعِلْمِ مَا صَحَّ عَنِ الرُّسُلِ الْمَعْصُومِينَ مِنْ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ وَغَيْرَهُمْ مِنَ الْجِنِّ يَتَشَكَّلُونَ فِي صُوَرٍ كَثِيفَةٍ تُرَى بِالْأَبْصَارِ وَبِصُوَرٍ لَا تُرَى بِالْأَبْصَارِ؛ أَيْ: أَنَّ اللهَ تَعَالَى أَعْطَى أَرْوَاحَهُمْ قُوَّةً يَتَصَرَّفُونَ بِهَا فِي مَادَّةِ الْكَوْنِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ بِأَعْظَمَ مِنْ تَصَرُّفِ عَالِمِ الْكِيمْيَاءِ فِي نَفْسِهِ، وَلَكِنَّهُ مِنْ جِنْسِهِ، فَقَدْ أَعْطَى اللهُ تَعَالَى الْوَاحِدَ مِنْهُمْ قُدْرَةً عَلَى تَأْلِيفِ جِسْمٍ لِرُوحِهِ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ إِذَا شَاءَ، وَحَلِّهِ وَتَفْرِيقِهِ مَتَى شَاءَ، وَقَدْ وَضَّحْنَا هَذَا التَّقْرِيبَ مِنْ قَبْلُ، وَغَرَضُنَا مِنَ التَّذْكِيرِ بِهِ هُنَا إِيضَاحُ مَسْأَلَةِ تَجَلِّي الرَّبِّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي الصُّوَرِ أَوْ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُبِ، وَكَوْنِ رُؤْيَتِهِ لَا تَقْتَضِي تَشْبِيهَهُ بِخَلْقِهِ كَمَا زَعَمَ مَنْ لَمْ يَعْلَمُوا مِنْ أَنْوَاعِ الْإِدْرَاكِ وَالْمُدْرِكَاتِ الْمَخْلُوقَةِ مَا يَقْتَضِي تَشْبِيهَ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} (17: 85).

.(8) مَذَاهِبُ الصُّوفِيَّةِ فِي الرُّؤْيَةِ:

الصُّوفِيَّةُ فِرْقَةٌ مِنْ فِرَقِ الْمُسْلِمِينَ الْمُخْتَلِفِينَ فِي الْأُصُولِ، وَهُمْ لَا يُقَلِّدُونَ إِمَامًا وَاحِدًا فِي الْفُرُوعِ، بَلْ مِنْهُمُ الْمُجْتَهِدُونَ وَمِنْهُمُ الْمُقَلِّدُونَ لِأَهْلِ الْمَذَاهِبِ الْمَشْهُورَةِ، وَيَكْثُرُ فِيهِمُ الشَّافِعِيَّةُ، كَمَا أَنَّ أَكْثَرَ الْمُعْتَزِلَةِ وَالْمُرْجِئَةِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَقَدْ غَفَلَ مَنْ لَمْ يَعُدَّهُمْ مِنَ الْفِرَقِ الثَّلَاثِ وَالسَّبْعِينَ، وَإِنَّمَا الْكَلَامُ فِيمَنْ يُسَمَّوْنَ صُوفِيَّةَ الْحَقَائِقِ، وَهُمْ أَقْرَبُ إِلَى الْفَلَاسِفَةِ الرُّوحِيِّينَ الْإِشْرَاقِيِّينَ، وَإِلَى قُدَمَاءِ الشِّيعَةِ مِنْهُمْ إِلَى أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْأَثَرِ، وَجُمْهُورُهُمْ يُجِلُّونَ الصَّحَابَةَ وَلاسيما الْخُلَفَاءَ الرَّاشِدِينَ وَعُلَمَاءَ السَّلَفِ، وَلاسيما الْعُبَّادَ مِنْهُمْ، وَمِنْهُمُ الْمُعْتَدِلُونَ وَأَهْلُ الْحَدِيثِ كَشَيْخِ الْإِسْلَامِ أَبِي إِسْمَاعِيلَ الْهَرَوِيِّ صَاحِبُ مَنَازِلِ السَّائِرِينَ وَمِنْهُمُ الْغُلَاةُ الَّذِينَ مَرَقَ بَعْضُهُمْ مِنَ الْإِسْلَامِ بِنَزَغَاتِ الْبَاطِنِيَّةِ وَزَيْغِهِمْ، وَهُمْ غُلَاةُ الرَّافِضَةِ مِنَ الْإِسْمَاعِيلِيَّةِ إِلَى الْبَهَائِيَّةِ وَزُعَمَاؤُهُمْ مِنَ الْفُرْسِ، وَمِنْهُمُ الْبَكْتَاشِيَّةِ وَقَدْ رَاجَتْ دَعْوَتُهُمْ فِي بِلَادِ التُّرْكِ وَالْأَلْبَانِ، وَيُقَابِلُهُمْ صُوفِيَّةُ الْأَخْلَاقِ، وَأَهْلُ السُّنَّةِ مِنْهُمْ يَقُولُونَ فِي الرُّؤْيَةِ مَا يَقُولُ سَائِرُ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَكَذَا الْمُعْتَدِلُونَ مِنْ أَهْلِ الْحَقَائِقِ، فَتَرَى أَبَا حَامِدٍ الْغَزَالِيَّ مِنْ عُلَمَائِهِمْ قَدْ فَسَّرَ الرُّؤْيَةَ بِمَا يَنْطَبِقُ عَلَى مَذْهَبِ الْأَشْعَرِيِّ، وَشَأْنُ سَائِرِ مُقَلَّدَتِهِمْ كَشَأْنِ سَائِرِ الْمُقَلِّدِينَ لِلْمَذَاهِبِ الْأُخْرَى.